رسم التاء المربوطة مفتوحةً في القرآن الكريم
****************************
المواضع التي كتبت فيها تاءُ التأنيث المربوطةُ مفتوحةً في القرآن وقع أغلبها مضافًا لما بعدها؛ نحو (امرأت نوحٍ - امرأت عمرانَ - امرأت فرعونَ - امرأت العزيزِ - امرأت لوطٍ - رحمت اللهِ – رحمت ربِّك – سنت اللهِ – سنت الأولينَ – نعمت اللهِ – لعنت اللهِ – غيابَت الجبِّ - بقيّت اللهِ – شجرت الزقومِ – كلمت ربِّك)، ووردت نظائر تلك الكلمات في القرآن غير مضافة - في أغلبها - فكتبت بالتاء المربوطة؛ ولمّا كان المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة استُقبح الوقف على المضاف دون المضاف إليه؛ إذ الوقف على المضاف دون المضاف إليه يُفضي إلى تنكير المعرّف في تلك المواطن؛ لذا كُتبت التاءُ مفتوحةً في تلك المواطن إيذانًا بوصلها بما بعدها، فلم يُوقف عليها بالهاء عند بعض القراء نحو نافع وعاصم وحمزة وابن عامر، وإيذانًا بأنه إذا انقطع النفَس عندها نُطقت تاءً إشارة إلى افتقارها للمضاف إليه بعدها واستمرارية الكلام مبنىً ومعنىً. أما المواطن التي كتبت فيها التاء مربوطة نحو: (إني وجدت امرأةً تملكهم) منونةً غيرَ مضافة لما بعدها، فتنطق - غالبًا - هاءً عند الوقف اختيارًا أو اضطرارًا عند انقطاع النفَس، إذ إنها لا تفتقر لما بعدها افتقارًا تركيبيًا؛ لذا كُتبت بالتاء المربوطة. وكذلك كل ما اختُلِف في قراءته بالإفراد وجمع المؤنث السالم نحو (كأنه جِمالَتٌ صُفْرٌ) كُتب بالتاء المفتوحة ليحتمل القراءتين كلتيهما (جِمَالَةٌ، وجِمَالَاتٌ).
ولما كان الحكم - كما أشرت - أغلبيًّا وليس مطردًا، ولما كان الشيء إذا جاء على أصله لا يُسأل عن علّته - فإنّ ما اتُفق على قراءته بالهاء عند الوقف رُسم بالتاء المربوطة؛ لذا لا يبدو لي أي اضطراب في الوقف على المضاف فيما رُسم بالتاء المربوطة في نحو قوله تعالى: (وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) فلو وقف قارئ فقال (وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة) لكان المعنى واضحًا غير مضطرب، في حين لو وقف على المرسومة بالتاء المفتوحة (رحمت الله) في قوله تعالى: (وادعوه خوفًا وطمعًا إنّ رحمت الله قريب من المحسنين) فقرأ: (وادعوه خوفًا وطمعًا إنّ رحمت) ووقف؛ لكان المعنى مضطربًا.
وقد اجتهد بعض الباحثين في تحميل ذلك الرسم العثماني بعض الدلالات، ولم أجد فيما اطلعت عليه من ذلك ما يثبت أمام النظر العلمي الدقيق.
والله أعلى وأعلم.
———————-
الأستاذ محمد شادي
دروس الوحدة الثانية
إرسال تعليق
تواصل معنا فى رسائل الصفحة